وبحلول منتصف الليلة الماضية، بدأ سريان أسبوع من التهدئة بين القوات الأمريكية وقوات الحكومة الأفغانية من جهة، وحركة طالبان من جهة أخرى، في العديد من الولايات الأفغانية الجنوبية والشرقية، على أمل أن تقود هذه التهدئة -في حال صمودها- إلى إبرام اتفاق بين واشنطن وطالبان في العاصمة القطرية الدوحة في 29 فبراير/شباط الحالي.
ومن المتوقع أن يعقب اتفاقَ السلام المرتقب تبادل للأسرى، إذ يجري الحديث عن خمسة آلاف أسير لطالبان وألف للحكومة، لكن الاتفاق المنتظر بين واشنطن وحركة طالبان يلفه الغموض، فالطرف الثاني يتحدث عن انسحاب كامل للقوات الأميركية من الأراضي الأفغانية، في حين تتحدث واشنطن عن انسحاب جزئي فقط مقابل ضمانات أمنية بعدم استخدام أفغانستان منصة لمهاجمة القوات الأميركية.
وقد بدأ الأفغان في مشاركة آمالهم بحلول السلام في ديارهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال نشر تطلعات وآراء باللغتين الأساسيتين في البلاد -وهما داري وباشتو- مرفقة بوسمين: "إذا حل السلام"، و"عندما يكون هناك وقف لإطلاق النار".
ويقول الشاعر الأفغاني المعروف رامين مظهر في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية إنه ساهم في نشر الوسمين، ويضيف "في السنوات الخمس عشرة الماضية، لم يتمكن السكان من السفر على الطرق بأمان، كانت حركة طالبان توقفهم أو تقتلهم أو تخطفهم"، ويضيف أنه إذا استمر الحد من العنف، فسيذهب إلى نورستان، وهي مقاطعة يصعب الوصول إليها في شمال شرق أفغانستان.
وغرّد عبد الله جاهد في حسابه على تويتر بالقول "وعدت أصدقائي بأخذهم لزيارة بدخشان (مقاطعة جبلية في أفغانستان قرب الحدود مع طاجيكستان)... وسأفي بوعدي عندما يتوقف إطلاق النار"، وأما حميد الله ستاري فكتب "إذا حل السلام، فسأذهب إلى قرى أفغانستان النائية للقاء سكانها، وتناول طعامهم والتعرف إلى حرفهم اليدوية ومشاركتهم أحزاني وأفراحي".
وكان المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد، قال إن اتفاق خفض العنف بين الحركة وواشنطن لا يشمل عموم أفغانستان، ونقل مراسل الجزيرة عن مجاهد أن بعض المواقع استثنيت من اتفاق التهدئة، وهي مراكز الولايات والطرق العامة ومقار الجيش الأفغاني والقوات الأجنبية.
وأضاف المتحدث باسم طالبان أن أيّ هجوم من مقاتلي الحركة -التي تسيطر على قرابة نصف مساحة البلاد- في هذه المناطق، لا يعد خرقا للتهدئة لأن وقف إطلاق النار لا يشمل عموم أفغانستان.
من جانب آخر، قال وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو إن محادثات أفغانية داخلية ستبدأ مباشرة بعد توقيع الاتفاق في الدوحة، وذلك من أجل وقف دائم وشامل لإطلاق النار، ووضع خارطة طريق مستقبلية لأفغانستان. وكانت حركة طالبان ترفض طوال 18 عاما ماضيا التفاوض مع حكومة كابل، واصفة إياها بالدمية في يد واشنطن.
ورحب الرئيس الأفغاني أشرف غني ببدء سريان خفض العنف، ودعا طالبان إلى محادثات مباشرة.
وينتشر ما بين 12 و13 ألف عسكري أمريكي إرهابي في أفغانستان، حيث خاضت الولايات المتحدة أطول حرب في تاريخها، كما تنتشر قوات لدول أجنبية أخرى في هذا البلد ضمن تحالف دولي تقوده واشنطن.
تجدر الإشارة إلى طالبان حكمت أفغانستان بين عامي 1996 و2001، قبل أن يطيح تحالف دولي بقيادة أمريكا بحكمها عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، إلا أن الحركة خاضت حربا متواصلة ضد القوات الأميركية والقوات الأفغانية أودت بحياة عشرات آلاف المدنيين وقوات الأمن الأفغانية، فضلا عن أكثر من 2400 جندي أميركي.