معرف الأخبار : 199388
تاريخ الإفراج : 11/13/2024 5:13:36 PM
ثلاث مؤشرات تجعل زيارة غروسي مهمة

ثلاث مؤشرات تجعل زيارة غروسي مهمة

إن وصف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارته إلى طهران "بالمهمة للغاية"، يستدعي التحدث عن ثلاثة مؤشرات محددة تجعل هذه الجولة مميزة، وفي حال تم تجاهل هذه العوامل ، فإن هذه الزيارة لن تفشل في تحقيق أي شيء للجانبين فحسب، بل سوف تعيق أيضا العديد من العلاقات المستقبلية.

نورنيوز- بعد 6 أشهر من ابدائه رغبته في زيارة ايران، سيصل المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إلى طهران مساء الأربعاء بتوقيت إيران، ويوم الخميس 24 تشرين الثاني (نوفمبر 14) سيلتقي ويتحدث مع المسؤولين الإيرانيين. حيث أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأحد المنصرم، أن رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة، سيتوجه إلى طهران للقاء كبار المسؤولين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإجراء مباحثات فنية حول كافة الجوانب المتعلقة بالبيان المشترك المتفق عليه مع إيران في مارس 2023.

وجاء في بيان الوكالة: أن اجتماعاته في طهران سترتكز على محادثات المدير العام مع سيد عباس عراقجي، وزير خارجية إيران، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، كما قيم غروسي زيارته بأنها مهمة للغاية، وقال: من الضروري أن نحرز تقدمًا جوهريًا في تنفيذ البيان المشترك المتفق عليه مع إيران في مارس 2023. وفي شرحه لخطط غروسي، قال كاظم غريب آبادي نائب الشؤون القانونية والدولية بوزارة الخارجية، إن "المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية سيصل إلى طهران في زيارة تستغرق يومين". وسيتم تنفيذ هذه الرحلة استمرارًا للتفاعلات بين إيران والوكالة، وكذلك تماشيًا مع البيان المشترك الصادر في 4 مارس 2023 عن الجانبين. وبحسب إعلان غريب آبادي، فإن غروسي سيلتقي بالرئيس بزشكيان ووزير الخارجية ورئيس منظمة الطاقة الذرية خلال هذه الزيارة، وصرح غريب آبادي؛ أن "النقطة الرئيسية بالنسبة لايران هو مواصلة التعاون مع الوكالة في إطار التزاماتها المتعلقة بالضمانات، ما لم تسعى بعض الدول ذات الدوافع السياسية إلى الإضرار بجهود المدير العام والعلاقات المستقبلية بين إيران والوكالة".

آخر الأخبار في قضية العلاقات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية تعود إلى شهر سبتمبر من هذا العام والاجتماع الربع سنوي لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ حيث قدمت الترويكا الأوروبية والأمريكية في بيان رباعي بشأن تنفيذ التزامات إيران بموجب اتفاقية الضمانات لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) ادعاءات حول تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وزعمت أن طهران، ردا على إخطار الوكالة، ولم تقدم الأسئلة المتعلقة بالمواد والأنشطة النووية غير المعلنة في تورقوزآباد وورامين، ولم تقدم اي تفسيرات فنية صحيحة.

وقبل ذلك، تحدث غروسي في مقابلة مع الجزيرة عن ضرورة إقامة حوار بناء وملموس بسرعة أكبر من أجل التوصل إلى ضمانات صحيحة بشأن الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي وتسريع بدء المفاوضات.

وجاء تصريح غروسي بمثابة تكرار للمواقف السياسية السابقة للوكالة بشأن الوضع الفني والقانوني للجمهورية الإسلامية في المجال النووي. إلا أن سرعة التطورات في الفترة من سبتمبر 1403 إلى نوفمبر العام الجاري قد تسارعت إلى درجة أنه إذا لم يولي المدير العام لهذه المؤسسة الدولية الاهتمام اللازم لخصائص الظروف الحالية في المنطقة والبيئة الدولية خلال زيارته إلى طهران ويريد للمطالبة بالالتزام بناءً على السياق السابق، فلا يمكن للمرء أن يكون متفائلاً بنتائج زيارته لطهران.

خلال السنوات الماضية، كانت عملية مفاوضات إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن البرنامج النووي السلمي الإيراني واحدة من أكثر العمليات السياسية والقانونية والفنية تحديا في المفاوضات الدولية بسبب النهج السياسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول الغربية تجاه هذه القضية. في المرحلة الحالية، تم تنظيمها لثلاثة أسباب وهي حساسة للغاية.

أ) ظلت العلاقات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لفترة طويلة غير دافئة لأسباب سياسية في معظمها وليس بالضرورة أسباب فنية وقانونية طرحتها هذه المؤسسة. يمكن أن تكون جولة غروسي في هذا الوقت بداية نهاية العملية الماضية وتؤدي في النهاية إلى إحياء المسار الصحيح والعقلاني للتعاون الثنائي. وللتوصل إلى أرضية مشتركة لبدء هذه المفاوضات، يشير الجانبان إلى التزامات واتفاقيات مارس 2023، حيث وافقت إيران على زيادة مراقبة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإن كان ذلك بناءً على قانون العمل الاستراتيجي الصادر عن البرلمان، لإظهار حسن نيتها مرة أخرى إلى أطراف هذه المنظمة الدولية.

ب) إن استمرار الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سلوكها السلمي في الملف النووي وعدم تصنيع الأسلحة النووية، حسب تأكيد وفتوى قائد الثورة الاسلامية، لا يزال على جدول الأعمال. لكن أحداث الأشهر القليلة الماضية في المنطقة، وخاصة التهديدات والاعتداءات الصهيونية، أثارت همسات وتخمينات جديدة جريئة على لسان بعض المسؤولين السابقين والحاليين بأن طهران يمكن أن تراجع هذا المبدأ.

ج) سيشهد العالم حضور دونالد ترامب بصفته الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة في البيت الأبيض خلال الشهرين المقبلين؛ شخصية يرتبط اسمها، على الأقل في إيران، بالملف النووي ومفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة. الرئيس الذي تجاهل خلال فترة ولايته الأولى التزامات الرئيس الذي سبقه تجاه خطة العمل الشاملة المشتركة وانسحب من هذه الاتفاقية، وفرض العديد من العقوبات غير القانونية والقمعية ضد الشعب الإيراني، وفرض العديد من القيود غير القانونية والأحادية في مختلف المجالات. حيث فرض عبئا اقتصاديا على إيران.

كل هذه الإشارات التحذيرية عشية زيارة غروسي إلى طهران تتطلب الكثير من التخطيط واليقظة لتحييدها، الأمر الذي يجب وضعه على جدول أعمال الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ماذا تريد إيران من الوكالة؟

يمكن لزيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة النووية إلى إيران، رغم الظروف المحلية والإقليمية والعالمية الخاصة، أن تكشف عن رؤية جديدة ومنظور يتجاوز ما لديه حتى الآن. ويجب تحرير الملف النووي الإيراني من القيود الوهمية التي خلقها كيان رئيس الوزراء الصهيوني، والعودة إلى مساره الطبيعي والقانوني والفني حتى تتسارع خطوات بناء الثقة التي تتخذها طهران تجاه هذه المؤسسة وتفضي الى نتايدئج جيدة، إن نظرة إلى القرارات والبيانات الصادرة عن مجلس إدارة هذه المؤسسة ضد طهران في اجتماعات هذا العام تظهر أن التوصل إلى نهج بناء الثقة يواجه تساؤلات جدية. إن المنطقة أشبه ببرميل بارود، و يمكن أن ينفجر ويجعل غرب آسيا تواجه ظروفاً رهيبة.

منذ أسابيع هدد الكيان الصهيوني إيران عبر وسائل الإعلام الغربية بتدمير منشآتها النووية، وفي الاثناء يستشهد آلاف المدنيين في غزة ولبنان، ورغم هذه التطورات الخطيرة ونظرا لمستوى الصراع في مثل هذه الظروف، تزايدت التعليقات غير الرسمية حول ضرورة بناء أسلحة نووية في إيران على اثر تهديدات الصهاينة.

إن ما يمكن أن يخفف من هذه التوترات هو التقرير الذي يؤكد بوضوح الطبيعة الحقيقية والسلمية للأنشطة النووية الإيرانية ويوجه مسار القضية النووية من تضليل السياسة إلى استراتيجية فنية وقانونية. لذلك، فإن الأمر الوحيد الذي يمكن أن يجعل جولة غروسي مهمة حقًا وعمليًا؛ سيكون هذا الامر . وإلا فإن هذه الزيارة سيتم تذكرها على أنها فرصة ضائعة في المستقبل.


نورنيوز
الكلمات الدالة
ایرانغروسیرافائیل غروسی
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك