معرف الأخبار : 224963
تاريخ الإفراج : 5/21/2025 11:08:49 AM
عراقجي: رسالتنا واضحة؛ لا سلام الا عبر الاطر المشتركة ولايمكن لاسرائيل ان تكون جزءا من أي إطار امني

عراقجي: رسالتنا واضحة؛ لا سلام الا عبر الاطر المشتركة ولايمكن لاسرائيل ان تكون جزءا من أي إطار امني

أوضح وزير الخارجية الإيراني السيد عباس عراقجي في مقال له اليوم الاربعاء ان رسالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للمجتمع الدولي واضحة"، مؤكدا انه لا يمكن تحقيق السلام المستدام في غرب آسيا إلا من خلال تمكين الأطراف الفاعلة الإقليمية.
كتب وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مقال بمجلة منتدى طهران للحوار المتخصصة بعنوان "خلق واقع جديد للمنطقة: نحو استقرار السيادة والتضامن في غرب آسيا": تمر منطقة غرب آسيا بفترة من عدم الاستقرار العميق الذي تشكل تحت تأثير الأزمات المتشابكة والضغوط المتزايدة. وتواجه المنطقة تشابكاً معقداً بين عدم الاستقرار الجيوسياسي وانعدام الأمن المزمن وتفاقم الأزمات الإنسانية. لقد أدت عقود من الصراعات التي لم يتم حلها، والتي تفاقمت بسبب التدخل الأجنبي والأضرار البيئية، إلى نزوح الملايين من الناس وإظلام الآفاق المشرقة. إن ندرة المياه الناجمة عن تغير المناخ، إلى جانب سوء إدارة الموارد، تهدد أسس الحياة في العديد من البلدان. وفي الوقت نفسه، فرضت أزمة اللاجئين المتنامية الناجمة عن الحروب والانهيار الاقتصادي ضغوطاً إضافية على المنطقة وكانت لها عواقب إنسانية على مستوى العالم. وخلف هذه التحديات الواضحة تكمن طبقة أعمق من المعاناة التاريخية والانقسامات السياسية. إن العلاقات بين الحكومات، والتي تشكلت لسنوات في ظل الروايات المفروضة من الخارج، قد عرقلت الطريق إلى تحقيق حلول مستدامة وجماعية. النظام الإقليمي المستدام يجب أن يتشكل من الداخل وفي كثير من الحالات، اكتفت الجهات الفاعلة الإقليمية بردود الفعل على الأزمات بدلاً من التأثير على مسار التطورات. ومن ثم برز واقع يبدو مفروضا أكثر منه نابعا من إرادة جماعية، ويبدو نتاج إملاءات خارجية أكثر منه نتيجة للحوار واتخاذ القرار المشترك. ولكي ترسم المنطقة مساراً جديداً، يتعين عليها أن تتجاوز المواقف العتيقة والافتراضات المستوردة التي لم تعد تعكس تطلعات شعوبها. إن النظام الإقليمي المستدام يجب أن ينشأ من الداخل ويرتكز على الاعتراف المتبادل والحوار الشامل والمسؤولية المشتركة. إن هذا التحول ليس مثاليا فحسب، بل هو ضرورة سياسية واجتماعية. إن الواقع، سواء في غرب آسيا أو في أي مكان آخر من العالم، ليس ثابتاً، بل يتم خلقه من خلال النشاط والإجماع والاستشراف. والآن هو الوقت المناسب لحكومات غرب آسيا لاستعادة ملكية مستقبلها المشترك. ومن خلال الانخراط في حوار حقيقي وتصميم أطر عمل تنشأ من داخل المنطقة، يمكنهم في نهاية المطاف أن يتجاوزوا دورة الصراع المتكررة نحو أفق مبني على الكرامة والاستقرار والسلام. واستجابة لهذه الحاجة الملحة للتغيير، تعتقد الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن التحديات الأمنية في غرب آسيا مترابطة ومشتركة بطبيعتها بين بلدان المنطقة. سواء في مكافحة الإرهاب، أو الهجرة الناجمة عن تغير المناخ، أو التهديدات السيبرانية، أو الهشاشة الاقتصادية، لا توجد دولة معزولة عن مصير جيرانها. ومن ثم فإن تشكيل إطار جماعي يرتكز على الاحترام المتبادل وعدم التدخل والملكية الإقليمية ليس خيارا، بل ضرورة حيوية. لا ينبغي أن ننظر إلى الأمن الإقليمي باعتباره لعبة محصلتها صفر وقد حاولت القوى الأجنبية مرارا وتكرارا فرض نماذج أمنية من أعلى إلى أسفل على المنطقة؛ نماذج تتجاهل التفاصيل الاجتماعية والسياسية في غرب آسيا. وعلى مر التاريخ، لم تتمكن سوى قوى أجنبية قليلة من لعب دور دائم أو بناء حقيقي في تحقيق الاستقرار في المنطقة. في واقع الأمر، غالباً ما تعكس الحلول المصممة في الخارج الحسابات الاستراتيجية للعواصم البعيدة، وليس الواقع المعيشي للناس في طهران أو بغداد أو الرياض أو دمشق. وتظهر التجربة أن مثل هذه الأساليب تؤدي، في أفضل الأحوال، إلى خلق سلام هش، وفي أسوأ الأحوال، إلى تأجيج عدم الاستقرار على المدى الطويل. لقد دفع شعب المنطقة ثمن سياسات وضعت دون موافقتهم أو مشاركتهم. وفي هذا الصدد، دعت إيران دائماً إلى استخدام آليات شاملة تنبع من داخل المنطقة لمواجهة تحديات غرب آسيا. وقد أكدنا على المبدأ القائل بأن الأمن الإقليمي لا ينبغي أن ينظر إليه باعتباره لعبة محصلتها صفر، بل باعتباره جهدا مشتركا وتعاونيا. وتعتقد إيران أنه لا يمكن لأي بلد أن يحقق الرخاء الحقيقي في منطقة تعاني من الحرب والعقوبات والطائفية. وعليه فإننا ندعو إلى تغيير جذري في النهج الحالي والتحرك نحو نموذج محلي ومركزي إقليمي يعطي الأولوية للتنمية الجماعية على استمرار البنى القائمة على التهديدات. إن الخليج الفارسي، الذي كان معروفًا منذ فترة طويلة بأنه نقطة حرجة في المعادلات العالمية، يمكن أن يصبح اليوم حجر الزاوية في عصر جديد من خفض التصعيد والتقارب. ويستند التزام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالدبلوماسية البناءة في هذا المجال إلى مقترحاتها التاريخية؛ بما في ذلك حوار الحضارات، ومبادرة العالم ضد العنف والتطرف (WAVE)، ومبادرة هرمز للسلام (HOPE). وتؤكد هذه الأطر على التراث المشترك والأمن الجماعي والدور المركزي للحوار في حل النزاعات. وفي هذا الإطار، ترحب إيران بالخطوات الأخيرة، بما في ذلك وثيقة رؤية مجلس التعاون الخليجي الأمنية لعام 2024؛ وثيقة تؤكد على مبادئ مثل السيادة، وعدم التدخل، والتعاون المتعدد الأطراف. ورغم أن الخلافات لا تزال قائمة، فإن هذه الوثيقة تظهر أن بلدان المنطقة أقرت أيضاً بترابطها المتبادل وضرورة تشكيل آلية أمنية مشتركة. وترى طهران في هذه الخطوة أساسا لتحقيق نظام متماسك في مجال الأمن الإقليمي. الاستقرار الحقيقي يتطلب التنمية الشاملة، والاحترام المتبادل، والالتزام بالازدهار المشترك إن رسالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى المجتمع الدولي واضحة: إن السلام الدائم في غرب آسيا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تمكين الأطراف الإقليمية. إن الضمانات الأمنية الانتقائية أو أطر السلام التي تستخدم كأداة للضغط لن تنجح. إن الاستقرار الحقيقي يتطلب التنمية الشاملة، والاحترام المتبادل، والالتزام بالازدهار المشترك. لا ترى إيران نفسها كقوة مهيمنة بل كدولة قوية إلى جانب جيران أقوياء مندمجين في نسيج مرن ومتشابك من التعاون الإقليمي. وتُظهر أمثلة مثل العراق وسلطنة عمان قيمة الدبلوماسية النابعة من داخل المنطقة. وقد أثبتت جهود هذه البلدان للتوسط في النزاعات أن الجهات الفاعلة الإقليمية، عندما يتم تمكينها، قادرة على حل النزاعات وبناء الثقة المتبادلة دون الاعتماد على الوساطة الخارجية. وتظل إيران مستعدة للتعاون الدولي في مجالات مثل التكيف مع تغير المناخ، والبنية الأساسية الرقمية، والصحة، والتنمية المستدامة، ولكن هذا التعاون يجب أن يقوم على المساواة والاحترام المتبادل. التعاون المشروط الذي يهدف إلى فرض التبعية السياسية؛ وهو يتعارض مع النظام الإقليمي المبني على السيادة الوطنية واستقلال الدول. التكامل الإقليمي ليس خيارا، بل ضرورة. إن التدهور البيئي، وخاصة تغير المناخ، لا يعرف حدودا. تشكل العواصف الغبارية والجفاف وارتفاع درجات الحرارة تهديدا للنظم البيئية المشتركة. وعلى نحو مماثل، لا يمكن احتواء التطرف والأزمات الإنسانية داخل الحدود الوطنية. إن مواجهة هذه التحديات تتطلب التنسيق عبر الوطني؛ من أنظمة الإنذار المبكر المشتركة إلى البروتوكولات الإقليمية للإغاثة الإنسانية. "إن الأمن الإنساني يجب أن يصبح حجر الزاوية في أي بنية إقليمية مستقبلية؛ وهذا يعني أن التعليم والصحة والاستدامة البيئية والفرص الاقتصادية العادلة تحظى بالأولوية على قدم المساواة مع مكونات الأمن التقليدية. لا يمكن للنظام الصهيوني أن يكون جزءا من أي إطار أمني إقليمي مستقر وفي عملية رسم واقع جديد للمنطقة، فإن معالجة العقبات الهيكلية التي لا تزال تقوض التقدم تشكل ضرورة لا يمكن إنكارها. إن أي تقييم صادق للاستقرار الإقليمي يتضمن حتماً النظر في الدور المزعزع للاستقرار الذي يلعبه الكيان الإسرائيلي. إن نهج هذا الكيان في المنطقة جعله متظاهراً دائماً. فاعل يعارض بشكل هيكلي ومتسق أي مبادرة نحو الأمن الجماعي ونزع السلاح. إن برنامجها للأسلحة النووية، والذي تم تعريفه بمبدأ "الغموض المتعمد"، يقوض معايير منع الانتشار النووي العالمية ويتعارض مع الهدف المشترك المتمثل في إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية. وفي حين انضمت جميع البلدان الأخرى في المنطقة إلى معاهدات مثل معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، واتفاقية الأسلحة الكيميائية، واتفاقية الأسلحة البيولوجية، والتزمت بالتزاماتها، فمن الواضح أن الكيان الإسرائيلي ظل خارج هذه الأطر، ومن خلال الاعتماد الاستراتيجي على حلفائه الغربيين، ظل محصناً من أي مساءلة. ولا يزال هذا النمط من السلبية يعيق التقدم الحقيقي نحو الأمن الإقليمي والسيطرة على الأسلحة الدولية. وعلاوة على ذلك، فإن المسار التاريخي للنظام الإسرائيلي يعكس نمطاً مستمراً من الاحتلال والتهجير القسري والعدوان والانتهاكات المنهجية للقانون الدولي. ومن الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية والحصار الدائم لغزة وتوسيع المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية إلى الاعتداءات المتكررة على لبنان ودوره في احتلال وزعزعة استقرار سوريا، يتبين لنا أن استراتيجية هذا النظام تقوم على الإفلات من العقاب والإفلات المزمن من العقاب. يتعين على المجتمع الدولي أن يواجه هذا الواقع: إن النظام الذي ينتهك القانون الدولي بشكل منهجي، ويلجأ إلى العسكرة الجامحة، ويتمتع بالإفلات من العقاب تقريباً، لا يمكن أن يكون جزءاً من أي إطار للأمن الإقليمي المستدام. نهج إيران هو خارطة طريق للمرونة المستقبلية وفي نهاية المطاف فإن مستقبل غرب آسيا لن يتحدد في العواصم الأجنبية، بل ستكتبه شعوب المنطقة، من خلال الأطر التي تعكس تاريخها وثقافتها وإرادتها الجماعية. إذا كانت المنطقة تريد التحرر من دورات التباعد المتكررة، فيتعين على العقد المقبل أن يركز على بناء المؤسسات والتعاون عبر الحدود والحوكمة الشاملة. إن النهج الذي تنتهجه إيران هو نقد للإخفاقات الماضية وخريطة طريق للمرونة في المستقبل. وتدعو هذه الرؤية الدول الإقليمية إلى الانتقال من الدبلوماسية التفاعلية إلى الشراكة الاستباقية، ومن النماذج المفروضة من الخارج إلى الحلول المحلية والمرنة. كما أنها تدعو الجهات الفاعلة العالمية إلى المشاركة ليس كمراقبين أو مراقبين في الاتجاه المعاكس، بل كشركاء محترمين ومتساوون. ولتحقيق هذه الرؤية، يتعين على غرب آسيا أن تلتزم بنموذج يتقاسم فيه الجميع الأمن، ويتمتع بالسيادة المتبادلة، ويكون السلام نتيجة للعمل الجماعي. وفي إطار مثل هذا فقط، تستطيع المنطقة أن تتجاوز الصراع وتتحرك نحو مستقبل لا يقوم على الهيمنة، بل على الكرامة والتضامن والسلام الدائم
نور نيوز
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك