نورنيوز- أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مؤتمر صحفي اليوم الثلاثاء بمطار أنقرة قبل توجهه لـ واشنطن، إن أميركا وروسيا لم تنجحا في تطبيق تعهداتهما بإخراج مَـن وصفهم بالإرهابيين من بعض أجزاء المنطقة الآمنة في الشمال السوري التي شملها الاتفاقان اللذان عقدتهما تركيا مع البلدين، على الرغم من أن حملة تركيا العسكرية على الاراضي السورية كانت مخالفة للقوانين الدولية واعتبرت عدوانا على أراضي بلد آخر.
الرئيس التركي قال في المؤتمر الصحفي أنه سيناقش موضوع الشمال السوري مع الرئيس الروسي عبر الهاتف لدى عودته، وأوضح أنه \"لم يكن بوسع روسيا ولا الولايات المتحدة إبعاد المجموعات الإرهابية ضمن الجدول الزمني المتفق عليه\".
ومن المقرر أن يلتقي ترامب أردوغان على انفراد في البيت الأبيض، ليترأسا لاحقا اجتماعا بين وفدي البلدين.
وكانت أنقرة أبرمت مع واشنطن في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي اتفاقا لوقف العملية العسكرية التركية بالشمال السوري مقابل تعهد أميركا بإبعاد مقاتلي \"قوات سوريا الديمقراطية\" عن الحدود السورية التركية بمنطقة شرق الفرات بعمق 32 كلم.
ثم أبرمت اتفاقا آخر مع روسيا في 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي تعهدت بموجبه الأخيرة بإخراج وحدات حماية الشعب (العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية) من مناطق أخرى شمال شرقي سوريا بالتنسيق مع الجيش السوري الذي يدافع عن أراضيه، وتسيير دوريات مشتركة روسية تركية داخل الشمال السوري.
كما أكد اردوغان أنه سيبحث ملفات أخرى كانت محل خلاف شديد مع الإدارة الأميركية السنين الأخيرة، ومنها ملاحقة زعيم منظمة الخدمة فتح الله غولن المستقر هناك، وهي المنظمة التي تصنفها أنقرة ضمن التنظيمات الإرهابية.
وسيناقش الرئيسان ملفات العلاقات التجارية والعسكرية بين بلديهما، وعلى رأسها صفقة شراء تركيا منظمة الدفاع الصاروخي الروسي أس400، ومشاركة أنقرة في برنامج تصنيع مقاتلات أف35 الأميركية.
من بين الملفات الحساسة التي سيناقشها أردوغان أيضا مع ترامب، دعوة واشنطن لقائد \"قوات سوريا الديمقراطية\" مظلوم كوباني لزيارة الولايات المتحدة، وأفادت وكالة الأناضول بأنه من المنتظر أن يقدم أردوغان لنظيره الأميركي وثائق تثبت تورط كوباني في \"عمليات إرهابية أودت بحياة العشرات من الأتراك\".
اردوغان سيردّ على وصف ترامب له بالأحمق
ويعتزم أردوغان إعادة رسالة بعثها إليه ترامب في 9 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أثارت جدلا بسبب مضمونها الذي خرج عن اللغة الدبلوماسية للمراسلات بين رؤساء الدول، إذ قال فيها ترامب لأردوغان \"لا تكن أحمق\" في إشارة إلى دعوة الرئيس الأميركي لنظيره التركي بالتفاوض مع قائد \"قوات سوريا الديمقراطية\".
ويعتزم أردوغان الرد على رسالة ترامب بشكل شفهي أثناء لقائه به وجها لوجه.
وشدد الرئيس التركي على أهمية الاجتماع الذي ستنظمه غرفة التجارة الأميركية، بحضور رجال أعمال من البلدين، في تعزيز العلاقات التجارية القائمة بين الطرفين.
استقبال بارد لاردوغان ورفض واسع لزيارته
وخيمت أجواء باردة على الزيارة التي أراد ترامب أن يكسر بها الجليد المتراكم مع الحليف التركي، لكن ترامب قد يكون الشخص الوحيد في العاصمة الأميركية الذي يرغب في الترحيب بأردوغان، فما زال الكونجرس غاضباً من غزو تركيا شمال سوريا، في وقت ينتظر مجلس الشيوخ التصويت على قانون يفرض عقوبات ضد أنقرة بعدما أقره مجلس النواب.
في حين طالب نواب جمهوريون وديمقراطيون برفض الزيارة بل وبفرض عقوبات جديدة إذا استمرت تركيا في استهداف القوات الكردية، وحذرت صحف أميركية من تكرار مشاهد العنف التي سببها حرس أردوغان ضد المتظاهرين السلميين خلال زيارته الأخيرة واشنطن قبل عامين.
وقبل أيام قليلة، وفي خضم الغضب التركي على تصويت مجلس النواب الأميركي على قرار يدين المذابح التي ارتكبتها القوات العثمانية ضد الأرمن، اقترح مسؤولون أتراك إلغاء زيارة أردوغان، لكن الرئيس التركي قرر في النهاية أن يأتي إلى الولايات المتحدة بعد أن حاول ترمب إرضاءه بتغريدة على تويتر عبر فيها عن تطلعه لزيارة أردوغان.
غير أن النخب السياسية ووسائل الإعلام في واشنطن بدت غاضبة من الزيارة التي جاءت في وقت مشحون بالاحتقان عقب الغزو التركي لشمال سوريا، واعتبرت صحيفة واشنطن بوست أن ترامب مخطئ في ترحيبه برجل غير نادم على حروبه الداخلية والخارجية، كما اعتبر موقع \"بوليتكو\" أن الزيارة محفوفة بمخاطر عديدة بسبب التوترات المتصاعدة في العلاقات الأميركية التركية.
واستبق زيارة أردوغان، طلب قدمته كتلة من 17 نائباً جمهورياً وديمقراطياً في مجلس النواب إلى الرئيس ترامب برفض الزيارة وسحب دعوته الرئيس التركي، وجاء في خطاب وقع عليه النواب بقيادة إليوت إنغلز رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، أن الغزو التركي لشمال سوريا كانت له عواقب كارثية على الأمن القومي الأميركي وأدى إلى انقسامات عميقة داخل حلف شمال الأطلسي، \"الناتو\"، كما تسبب في أزمة إنسانية على الأرض.
وأشار النواب إلى سلسلة من الإجراءات التركية المثيرة للقلق منها شراء تركيا منظومة صواريخ \"إس 400\" الروسية الصنع، وسياساتها الأخرى التي جعلتها حليفاً مقرباً من موسكو على الرغم من كونها عضواً في حلف \"الناتو\"، فضلاً عن عرقلة أردوغان المؤسسات الديمقراطية داخل تركيا.
يحل لقاء ترمب أردوغان في وقت قرر \"جيم ريتش\" رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ تأجيل مناقشة قانون العقوبات ضد تركيا لأيام عدة، والذي كان مجلس النواب قد صدّق عليه قبل حوالي 10 أيام، بهدف عدم إحداث إخفاق دبلوماسي خلال القمة الأميركية التركية في البيت الأبيض.
ويتضمن هذا القانون الذي أقره مجلس النواب بغالبية كاسحة من الحزبين، فرض عقوبات على مسؤولين أتراك كبار، ومنع نقل التكنولوجيا العسكرية الأميركية إلى الوحدات المنخرطة في الحملة التركية على شمال سوريا، فضلاً عن مطالبة وزارة الخزانة الأميركية بتقدير الثروة الشخصية لأردوغان وعائلته، وهو ما اعتُبر صفعة مباشرة على وجه الرئيس التركي.
مخاوف من السلوك الوحشي لحرس اردوغان
غير أن تركيز وسائل الإعلام الأميركية ذهب إلى مخاوف تكرار ما وصفته بالسلوك الوحشي الذي تتسم به تصرفات رجال الأمن الأتراك وحرس الرئيس أردوغان، وهو ما ثبُت بالدلائل أكثر من مرة، إذ أظهرت صور فيديو حرس أردوغان الشخصي وهم يتجاوزون الشرطة الأميركية ويضربون المحتجين السلميين خلال تظاهرة خارج مقر السفير التركي في واشنطن عام 2017، كما كشفت مذكرة صدرت قبل أيام من وزارة الخارجية الأميركية عن مشاكل أخرى أثارها رجال أمن أردوغان ما أدى إلى توجيه اتهامات لـ 15 حارساً منهم قبل أن تتدخل الخارجية الأميركية لإسقاط الاتهامات.

وفي حين لم تكشف شرطة العاصمة الأميركية عن طبيعة استعداداتها لمواجهة أية سلوكيات عنيفة من حرس أردوغان تجاه المتظاهرين، إلا أن وسائل الإعلام طالبت السلطات الأمنية بتوجيه رسائل واضحة إلى الأتراك بأن سلوكيات قمع الصحافيين داخل تركيا واعتقال مئات المعارضين وطرد الآلاف من وظائفهم، لن يتم السماح بها هنا في واشنطن وعلى الأراضي الأميركية بصفة عامة.
وفي ظل حالة الاحتقان بين الأتراك والأكراد، يتوقع كثيرون في واشنطن أن ينظم الأكراد ومعهم عدد من المعارضين الأتراك تظاهرات قوية ضد أردوغان خلال زيارته، ما ينذر بإمكان تجدد المواجهات مع رجال الأمن التركي على الرغم من التحذيرات الأميركية.
هل يحصل اردوغان على مايريد؟
يشير محللون سياسيون في واشنطن إلى أن الرئيس الأميركي الذي شجع بانسحابه من شمال سوريا أردوغان على غزو المنطقة، ودعوته الرئيس التركي إلى زيارة الولايات المتحدة في هذا التوقيت المحتقن، لا تنبئ سوى بأمل محدود في أن يثير ترمب مسألة حكم القانون الديمقراطية مع الرئيس التركي. وبينما يتوقع أن يطلب أردوغان إعادة تركيا إلى برنامج طائرات \"إف 35\" المتطورة، والذي تسبب شراؤها صواريخ \"إس 400\" الروسية في طردها من البرنامج، إلا أن ذلك لا يبدو مستبعداً ولكنه أيضاً سيخضع لمجموعة من الاشتراطات والقيود والمقايضة.
موقعنا على الفيسبوك: https://www.facebook.com/profile.php?id=100041421241880
على الانستغرام: https://instagram.com/nournews_ir.ar?igshid=ttnjhn95hlfg
نورنيوز/وكالات