رسول عبيــد الشبلي/نورنيوز- باتت مهنة الإعلام في العراق مهنة للعاطلين عن العمل فهم يجيدون مهارة التملق والنفاق والتلميع وتنفيض أكتاف الآخرين من نظرائهم من حيث المستوى العلمي والأخلاقي؛ فمن تولوا مناصب رفيعة المستوى في مؤسسات الدولة ليسوا أنبياء، فهم مسؤولون عن خراب البلد وتفشي الفقر والأمراض وتدهور مستوى التعليم وغيرها من الأمور التي لا تزال تبعاتها إلى يومنا هذا، وربما يتساءل البعض كيف يعين مدرس بمنصب وزير الإعمار والإسكان أو طبيب في منصب وزير المالية وغيرهم من الأشخاص الذين شغلوا مناصب أخرى مرموقة في الدولة لا تمت إلى اختصاصاتهم بصلة.
كل هذا بفضل جهل الشعب والشرعية الدكتاتورية الحزبية المقيتة التي جاءت بها أمريكا وطبقتها في العراق بعد أن طبقتها نهاية الحرب الباردة واستطاعت من خلالها تقويض الاتحاد السوفيتي.
فقد عملت أمريكا جاهده بعد احتلالها للعراق باختيار عملاء لها يتولون وضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب والرجل غير المناسب والغبي في أماكن حساسة لا يمكن أن تدار من غير رجالها، وهذا ما حقق نجاح خطتها وتدمير مؤسسات الدولة بالكامل وحقنتها بفيروس يبقيها على قيد الحياة تصارع الألم.
وتذكرني سياسة وضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب وعلي العكس بحادثة واقعية حدثت أمامي وأنا في عمر العقدين ونيف.
كنت أذهب إلى مركز المدينة وقت العصر لأقضي ساعة أو أقل عند صديقي ص احب محل الأعشاب وفي إحدى الأيام بينما جالسين أنا وصديقي نتحدث دخل علينا رجل يرتدي الزي العربي وعمامته السوداء التي ترمز عند أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام إلى أنه من ذرية أهل بيت النبي محمد صلى الله عليه وآله، لكن ثيابه بالية تبدوا عليه علامات الزهد وقد اشتعلت لحيته شيبا فقمت من مكاني ليجلس محلي احتراما لكبر سنه، فلم يكن هناك مكان يجلس فيه لكثرة البضاعة وصغر الدكان لكنه أبى، فقام صديقي عن كرسيه ليجلسه مكانه فلم يقبل لكنه ألح عليه وسحبه من يده وأجلسه في مكانه ثم أخرج كيسا صغيرا فيه توابل من بين الأغراض وجلس عليه.
فقال له الرجل: لم أجلستني رغم أنفي في مكان غير مكاني فإذا دخل أحد وسألني عن شيء من بضاعتك فماذا أقول له، فأنا ليس صاحب الدكان فلم أجلس إذن في مكانك. ثم قام وقال لصاحبي: أعطيني حاجتي لأذهب، فأعطاه بعض علب الكرتون الفارغة وذهب. فعرفت الرجل حكيما.
فيا ترى من هو حكيم مثل ذلك الرجل ليقود بلدا ويضع الرجل المناسب في المكان المناسب؛ فلا تعتقدون أن من يتولى منصبا في العراق ليس من حقه هو حكيما كلا بل هو من اللصوص والحمقى.
وآخر قولي، من لا ينصف ذوي الاختصاص والمبدعين في مجال عملهم فهو أحمق وأداة تنفيذ تقوض دون مقابل وتستهدف الكفاءات وتجعل البلد بلا حاضر ولا مستقبل.
نورنيوز